Wednesday, January 16, 2008

تجربتي في الاردن




في شباط من العام 2007 سنحت لي الفرصة لزيارة احدى دول العالم العربي الا وهي المملكة الاردنية الهاشمية. وقد مكثت هنالك قرابة خمسة اشهر اتاحت لي فرصة ممتازة للتعرف الى كثير من عادات وتقاليد الناس في الاردن, والنظر عن قرب لكثير من مشكلات هذا البلد.
خلال زيارتي الى الاردن زرت العديد من الاماكن الاثرية والمواقع التاريخية مثل أم قيس, جرش, عجلون, عمان, وادي رم, خليج العقبة ثغر الاردن الباسم, حمامات ماعين, البحر الميت وموقع مغطس السيد المسيح. وقد احببت هذه الاماكن كثيرا جدا. فالاردن بلد له بيئة متنوعة جميلة على صغر مساحته. فيه الجبال والغور والصحراء والبحر الميت والاحمر. لكن اذا أردت التحدث عن الاردن و التفكير فيه فسوف اتحدث عن تناقضات هذا البلد من النواحي الاقتصادية والاجتماعية.
عندما قررت زيارة الاردن لأدرس اللغة العربية, العديد من اصدقائي أخبروني أنه بلد جميل يستحق الزيارة وقد وجدته بالفعل كذلك, الا أني تفاجأت بواقع الكثير من الامور. عندما تدخل الاردن من مطار العاصمة عمان و تأخذ سيارة أجرة باتجاه المكان الذي تريده في داخل عمان ستفاجئ بالحداثة العمرانية لهذه المدينة حيث الجسور والأنفاق والشوارع الواسعة والنظيفة مما يجعلك تأخذ انطباعا أوليا ان هذا البلد ثري جدا ومعدل دخل الفرد فيه مرتفع جدا وسكانه اغنياء جدا . الا انه وبمرور الوقت ستكتشف أن اغلبية السكان في الاردن هم من الطبقة الفقيرة جدا وان اكثر من نصف السكان يعيش تحت مستوى خط الفقر, وبالمقابل قلة قليلة هي التي تتمتع بالثروة الطائلة يتركز اغلبيتها في غرب عمان في احياء راقية جدا. أما اذا ذهبت الى شرق عمان فستشعر انك انتقلت الى بلد اخر غير الاردن والحقيقة انك لا زلت فيه وفي نفس المدينة لكنك انتقلت من جهتها الغربية الى جهتها الشرقية حيث الشوارع الضيقة والمتسخة والبيوت المتاكلة والفقر المدقع.
على صعيد أخر قد تكون جالسا في احد المطاعم الشعبية أو في أحد مقاهي النرجيلة فاذا بمتسول او متسولة يقف أمامك يسأل المساعدة ممطرا اذنيك بالدعاء والابتهال ان يحفضك الله ويحميك من كل سوء لقاء مساعدته. فهم متواجدون بكثرة بكل مكان تقريبا. قد تجدهم في الشوارع وعلى ابواب المطاعم وفي مواقف الباصات وحتى قرب الاشارات الضوئية بمناظر غير مرحب بها اطلاقا. حتى في مواقف الباصات لا يتوانى المتسول من الصعود الى الباص وسؤال الركاب واحدا تلو الاخر المساعدة وبعد ان ينتهي ينتقل الى الباص الاخر وهكذا.
في الاردن سنحت لي الفرصة لمقابلة العديد من الاشخاص والجلوس معهم والتحدث عن الوضع الاقتصادي في الاردن, ما هو ملحوظ أن رواتب الموظفين وأجور العاملين في الاردن متدني جدا في القطاع العام في مقابل ان تكاليف الحياة مرتفعة جدا والرواتب والاجور التي يتقاضاها العاملون والمظفون لا تكفي في ضوء غلاء المعيشة لتوفير حياة كريمة لهم. فلا يستطيع المواطن العادي مثلا ان يشتري انواع اللحوم المختلفة والفواكه ليطعم عائلته بشكل يومي. فالتقليد السائد هنا ان يوم الجمعة هو يوم لقاء العائلة واكل وجبة فيها اما لحوم حمراء أو السمك او الدجاج ما يعكس الوضع الصعب لحياة الناس هنا والبؤس المعيشي الذي يعانوه.
لكن من الجميل جدا معرفة انك حتى لو دخلت بيت احد الناس بغض النظر عن وضعه المادي فانه يقوم بواجب الضيافة بشكل كبير جدا حسب الاصول العربية ولو اضطر ان يستدين من احد الجيران او احد المحال حتى يقوم بواجب ضيافتك كضيف حل على بيته. خلاصة القول ان الاردن بلد ينمو بالرغم من جروحه الاقتصادية والاجتماعية الكثيرة وهو اخذ بالتطور بقيادة ملك شاب يحدوه الامل في تحسين وضع شعبه والنهوض به.

No comments: