Friday, December 26, 2008

مخيم غزة "الأردن": الواقع والتحيات

في الوقت الذي يحظى فيه غيرهم من اللاجئين الفلسطينين في الأردن بحقوق مواطنة يمكن وصفها بالكاملة، يبقى الذين هجرو ا إلى غزة عام 1948، ومن ثم إلى الأردن عام 1967 دون التمتع بكامل الحقوق الإجتماعية والمدنية ولا سيما السياسية.

في مخيم غزة بوجه خاص، المعروف أيضا بمخيم جرش، يبلغ عدد السكان حوالي عشرون ألف نسمة تعيش على مساحة 750 ألف متر مربع. وتعيش النسبة العظمى من السكان في هذا المخيم (97.19%) - حسب مسح أجرته وكالة الغوث الدولية في أيار 2007 - بحقوق منتقصة. حيث تمتلك نسبة منهم؛ إما جواز سفر مدته سنتين ونسبتهم (95.8%)، أو وثائق مصرية ونسبتهم ( 1.02%)، وقسم أخير لا يحمل أي وثيقة ويشكلون ما نسبته (0.37%).

تشكل نسبة اللاجئين المسجلين لدى وكالة الغوث الدولية (93%) من السكان. والنسبة الباقية من إجمالي سكان المخيم (7%) مصنفة كنازحين، ولا تعتبر هذه المجموعة مستحقة للتمتع بخدمات وكالة الغوث الدولية، وهي لا تتلقى أيضا أي خدمة من أي منظمات دولية أخرى. وقد كان لهذا الوضع القانوني والسياسي الخاص تأثيرا على الوضع الإقتصادي والإجتماعي لأبناء المخيم. فمثلا لا يمكن للنسبة العمظى من سكان المخيم الإنتخاب، أو الحصول على فرص عمل لدى القطاع العام، أو تلقي كامل الخدمات التي تقدمها الحكومة الأردنية أو العمل في جميع وظائف القطاع الخاص.

القيود القانونية
لا تسهل بعض القوانين والتشريعات المحلية الحياة اليومية بالنسبة لأبناء مخيم غزة، أو أمثالهم من المهجرين الفلسطينيين الذين لا يتمتعون بكامل الحقوق المدنية نتيجة لوضع المواطنة الخاص بهم. ونتيجة لعدم تطبيق بعض الإستثناءات فيما يتعلق بهذه القوانين والتشريعات كونهم لاجئين لا يتمتعون بأية جنسية ويقيمون في الأردن لأكثر من أربعين عاما حتى الأن. وتتضمن بعض القيود القانونية الأتي:

المجال السياسي
1- لا يمكن الإنتخاب
2- لا يمثلون في البرلمان
3- لا يمكن الانضمام لأي حزب سياسي
الحماية
1- إذا كانت الوالدة من غزة ( لديها هوية من غزة )، يضم إليها الأولاد حتى لو كان الوالد حاملا لجواز سفر أردني مؤقت.
2- صعوبة المعاملات الرسمية وذلك لكثرة الطلب منهم الحصول على موافقات أمنية
العمل
1- يمنع من العمل في القطاع العام
2- لا يمنح مزاولة المهن التالية: طبيب أسنان، مهندس زراعي، محامي، صيدلاني، محاسب قانوني وغيرها وفقا لقرارات من النقابات المهنية الأردنية وهناك صعوبة بالغة في الحصول على مزاولة مهنة للمرضين.
3- لا يمكن تسجيل مشروع، بمعنى الحصول على سجل تجاري خارج المخيم، إذ يطلب منهم الحصول على موافقة من رئاسة الوزراء والتي من النادر جدا الحصول عليها.
4- لا يمكن تأسيس أو الإنضمام إلى جمعيات تعاونية.
5- لا يمكن العمل في قطاع البنوك بسبب طلب الحصول على موافقة أمنية يستحيل الحصول عليها.
6- لا يمكن العمل في فنادق ذات تصنيف خمس أو أربع نجوم بشكل أساسي. ويصعب العمل في فنادق أقل درجة أيضا.
7- لا يمكن الحصول على رخصة سواقة عمومي.
8- غير مشمولين ببرامج التدريب والتوضيف التي تديرها الحكومة بالتعاون مع مؤسسات دولية أو القطاع الخاص.
9- صعوبة العمل في المدارس الخاصة، أيضا بسبب صعوبة الحصول على موافقة أمنية.
التعليم
1- يعامل أبناء مخيم غزة في الأردن في التعليم الجامعي معاملة الأجنبي من حيث الأقساط الواجب دفعها. فيطلب منهم أضعاف مضاعفة.
2- يمكن للمتقدمين لدرجة البكالوريوس التقديم من خلال مكرمة المخيمات، أو السفارة الفلسطينية ليتمكنوا من دفع نفس رسوم الأردني. لكن المقاعد المتوفرة من تينك الجهتين محدودة جدا.
3- مكرمة المخيمات تعطي (5%) من المقاعد الجامعية لدرجة البكالوريوس للمخيمات بحيث توزع حسب الكثافة السكانية في كل مخيم، علما أن قاطني معظم المخيمات الأخرى هم حاملون للجنسية الأردنية بمعنى يمكنهم الحصول على مقاعد جامعية كأردنيين.
4- من غير الواضح ألية توزيع المقاعد المتوفرة للسفارة الفلسطينية ( 350 مقعد ) على الفلسطينيين. تعطي السفارة الأولوية للفلسطينيين في الداخل حسب السفارة. لكن من غير الواضح كيف يؤخذ الوضع القانوني لأبناء قطاع غزة في الأردن في حسابات السفارة عند وضع الأولويات وتوزيع المقاعد.
5- لمن يريد أن يكمل الماجستير أو الدكتوراه، لا يوجد أي منفذ للحصول على مقعد مقابل نفس رسوم المواطن الأردني.
6- للإلتحاق بالمدارس الثانوية والتدريب المهني، يعامل نفس معاملة الأردني فيما عدا طلب الموافقة الأمنية من خلال دائرة الشئون الفلسطينية.
التملك
1- يمنع من امتلاك العقارات ( أراضي أو أبنية ) وتم منع الوكالة غير القابلة للعزل مؤخرا
2- شراء أو تسجيل سيارة خاصة يتطلب موافقة أمنية، والرسوم مشابهة للرسوم المطلوية من الأجنبي للحصول على رخصة سواقة خاصة.
الصحة
1- لا يتمتعون بالتأمين الصحي لتلقي العلاج في المراكز الصحية الحكومية أو المستشفيات حيث أنهم يعاملون معاملة الأردني القادر.
2- لا يسمح لهم بأي إدخال لدور المسنين كونهم لا يحملون أي رقم وطني.
3- تم شمول الأطفال دون الستة أعوام مؤخرا بالتأمين في الوقت الذي لم يشمل المسنين فوق الستين عاما من غير الأردنيين.
4- منذ شهر أذار 2008 تم إلغاء الإعفاءات الطبية للأمراض الصعبة ( وحدة شئون المرضى التابعة للديوان الملكي لم تعد تتلقى طلبات دون رقم وطني ).
الخدمات الإجتماعية
1- لا يتلقون معونات من وزارة التنمية الإجتماعية أو صندوق المعونة الوطنية بعكس غيرهم من اللاجئيين الفلسطينيين الذين يستفدون من خدمات وكالة الغوث الدولية والمعونات الحكومية.
2- عدم الإستفادة من المكرمة الملكية للفقراء أو ما يعرف بـ ( مساكن الفقراء ).
3- هناك مشروع قرار قد يحرم أبناء المخيم من الإستفادة من تقاعد أو اعتلال من الضمان الإجتماعي. فحسب المادة 96 من مشروع القانون الذي وضعه مجلس إدارة الضمان الإجتماعي " في حال استحق أي مؤمن عليه غير أردني لراتب التقاعد أو راتب اعتلال يتم استبدال هذا بتعويض الدفعة الواحدة المنصوص عليها في المادة 68\أ من هذا القانون، أو بضرب قيمة الراتب المستحق في (36) أيهما أكثر. وفي حال الوفاة يوزع المبلغ على الورثة المستحقين عنه وفقا للجدول (4) الملحق بهذ القانون".


واقع التعليم:
تعتبر نسبة الأمية للسكان في مخيم غزة لأولئك من هم فوق 15 عاما عالية (13.8%) مقارنة بنسبة الأمية في الأردن (7.5%). بينما تعتبر نسبة الذين يتابعون دراستهم بعد مرحلة الثانوية العامة قليلة (13.2%) مقارنة بما نسبته (22%) من سكان الأردن.
من نسبتهم (13,2%) ممن يكملون تعليمهم بعد مرحلة الثانوية العامة في مخيم غزة تشمل كل الذين يكملون تعليمهم في المجال المهني، والدبلوم، والجامعات ( بكالوريوس، ماجستير، دكتوراه) حيث تتوزع على الأتي: البكالوريوس (6.5%)، الماجستير (0.3%)، الدكتوراه (0,1%). ويرجع سبب هذه النسب المنخفضة جدا إلى معاملة الطالب من أبناء مخيم غزة كطالب أجنبي من حيث الرسوم ما عدا الذين يحصلون على مقاعد عن طريق مكرمة المخيمات أو السفارة الفلسطينية، ولكن تبقى نسبتهم منخفضة وقليلة. بالإضافة إلى هذا، تعتبر نسبة عدم الإلتحاق بمؤسسات تعليمية ( المدرسة ) كبيرة فيما يخص الأطفال بين ( 6- 18 ) سنة، حيث تبلغ نسبتهم (9,1% ). وقد تعزى هذه النسبة المرتفعة إلى الفقر والإفتقار إلى القدرة المالية لإتمام الدراسة ومواكبة الطلاب الأخرين والحاجة إلى العمل بالإضافة إلى ضعف التحصيل العلمي للطلاب. وهناك حاجة لتعزيز دور المرشد الإجتماعي في المدارس للتقليل من مشكلة التسرب.
وتواجه مدارس وكالة الغوث في مخيم غزة تحديات من حيث البيئة المدرسية. وتتمثل أهم هذه المشكلات في اكتظاظ الصفوف، وبروز مشكلة " الصفوف الطيارة " أي عدم توفر غرف صفية لعدد لا بأس به من الطلاب حيث يتنقل الطلاب من صف لأخر أو إلى الساحة أو إحدى الغرف الفارغة لأخذ الحصص، هذا بلإضافة فقر المرافق الأخرى في المدرسة سواء الصحية أو التثقيفية.

الدخل والوضع الإقتصادي:
يبلغ متوسط دخل الأسرة الأسرة شهري في مخيم غزة 186 دولار دون المساعدات، و 217 دولار بحساب المساعدات مقارنة بـ 311 دولار، و 360 دولار متوسط الدخل الشهري بالنسبة للاجئين الفلسطينين في الأردن دون المساعدات على التوالي. وقد بلغت نسبة السكان الذين يعيشون تحت خط الفقر المطلق ( أقل من دولار واحد للفرد في اليوم ) 64%. وتعود نسبة الفقر العالية هذه لوجود نسبة بطالة عالية جدا، بالمقابل بلغت نسبة البطالة في مخيم غزة (39%) موزعة على (81%) للنساء، و(25%) للرجال، مقارنة بـ (14%) للاجئين الفلسطينين في الأردن، وللسكان في الأردن على السواء. تزيد نسبة البطالة إلى (43%) إذا أضيفت نسبة "المحبطين" أي الذين لا يبحثون عن عمل. بالإضافة إلى هذا فإن نسبة عالية من العاطلين (32%) الذين لم يعملوا أبدا في حياتهم.

يعزى ارتفاع نسبة البطالة العالية إلى عدة أسباب :
أولا: القيود القانونية التي تجعل فرص العمل بالنسبة لأبناء مخيم غزة محدودة، فلا يسمح لهم العمل في
القطاع العام، او مزاولة المهن في القطاع الخاص.
ثانيا: وقوع المخيم في منطقة زراعية بعيدة عن المراكز التجارية بشكل عام.
ثالثا: صعوبة إيجاد مشاريع تعاونية وذلك أن القانون لا يسمح لغير الأردنيين بالإنضمام إلى جمعيات تعاونية
بشكل أساسي ولا يسهل ( أو يعيق بكلمة أدق) تسجيل أي مشروع تجاري خارج المخيم.
رابعا: الإفتقار إلى القدرة على الحصول على تمويل كاف، والإفتقار إلى مهارات التخطيط وإدارة المشاريع،
والتعبئة، والتغليف والتسويق.
خامسا: الإفتقار إلى المهارات الناتج عن التسرب المدرسي، وعدم الإلتحاق بالمدرسة لمن هم في سن ( 6 – 18 ) ومتابعة التعليم المهني.

البيئة والبنية التحتية:
(25%) فقط من المساكن في مخيم غزة يتكون سقفها من الإسمنت، بينما تتكون معظم أسقف المساكن (55% ) من ألواح زنك وإسبستوس، و (9%) من ألواح زنك وإسمنت. وتعاني ( 84% ) من الأسر من عدم ربط المسكن مع شبكة الصرف الصحي. و( 64% ) من الأسر تعاني من نقص التدفئة الكافية في الشتاء. بالإضافة إلى ذلك تكمن هناك حاجة في تحسين خدمات المياه والتخلص من النفايات الصلبة في المخيم وتعبيد الطرق وغيرها من خدمات البنية التحتية الأساسية.

الصحة:
تتمحور التحديات في المجال الصحي لسكان مخيم غزة في توفر الخدمات الصحية والقدرة على الحصول عليها. فعلى سبيل المثال، يعامل أبناء مخيم غزة من حاملي جواز سفر أردني مؤقت معاملة القادر في المستشفيات. لكن، صعَب القرار الأخير الذي لم يعد بسببه أبناء مخيم غزة يستطيعون الحصول على إعفاء من الديوان الملكي لعلاج الأمراض المستعصية والحالات الصعبة. بالإضافة إلى هذا، يفتقر المركز الصحي لوكالة الغوث في المخيم لبعض التخصصات ذات الأهمية.

التوصيات:
بالنسبة للحكومة الأردنية:
1- منح أبناء مخيم غزة الحقوق المدنية الإقتصادية والإجتماعية وخاصة في مجالات التعليم والعمل والصحة.
2- أن تراعي دائرة الشئون الفلسطينية في سياساتها الوضع الخاص لأبناء قطاع غزة في في مخيم غزة \ جرش, فتزيد من الخدمات والإمتيازات المقدمة للاجئين الفلسطينين منهم مقارنة باللاجئين الفلسطينيين الذين يتمتعون بمواطنة كاملة ( مثل زيادة عدد مقاعد مكرمة المخيمات لطلاب الجامعات ).

بالنسبة لوكالة الغوث:
1- الأخذ بعين الإعتبار الوضع الخاص لأبناء قطاع غزة من اللاجئين الفلسطينين وزيادة الخدمات والإمتيازات المقدمة لهم مقارنة باللاجئين الفلسطينين ممن يتمتعون بمواطنة كاملة ( في التوظيف في التعليم والقطاع الصحي والخدماتي )
2- تعزيز دورها في الضغط لتغيير بعض السياسات والقوانين والتشريعات المحلية.
بالنسبة للسفارة الفلسطينية:
1- توضيح معايير اختيار الطلاب للدراسة في الأردن أو الحصول على بعثات خارجية فيما يتعلق بأبناء قطاع غزة في الأردن (نظام كوته)
2- تعزيز دورها بالتنسيق مع الحكومة الأردنية لتسهيل الحصول على فرص عمل لأبناء مخيم غزة بالتحديد، بحيث تحفظ حقهم بالعودة، ولكن تمكنهم من العيش بكرامة. ( تسجيل مشاريع تجارية، وامتلاك ولو مساحة محددة من الأرض للسكن والزراعة والعمل في وظائف أخرى ).

بالنسبة للمنظمات الدولية:
1- تقديم الدعم خاصة لما نسبته (7%) من سكان المخيم ممن لا يحق لهم التمتع بخدمات وكالة الغوث الدولية 0غير لاجئين وغير مواطنين).
2- المناصر لتعزيز حقوق أبناء قطاع غزة في الأردن، وخاصة أبناء مخيم غزة \ جرش.
3- تقديم خدمات في مخيم غزة ( حيث تكاد لا تتواجد أي من المنظمات الدولية الإنسانية والتنموية في المخيم).